«سليمان فرنجية».. صديق «الأسد» الذي قد يصبح رئيسا للبنان

الثلاثاء 1 ديسمبر 2015 05:12 ص

جاء اقتراح «سعد الحريري»، رئيس وزراء لبنان الأسبق، لاختيار السياسي اللبناني «سليمان فرنجية»، صديق «بشار الأسد»، لتولى رئاسة لبنان، ليحرك المياه الراكدة في البلاد المتوقفة سياسيا منذ 18 شهرا.

اقتراح «الحريري»، الذي سيتولى بموجبه رئاسة الحكومة ليتقاسم السلطة مع «فرنجية»، جاء مثيرا ومفاجئا للكثيرين داخليا وخارجيا، خاصة أن «فرنجية» وهو صديق «الأسد» منذ الطفولة، وبعضهم يطلق عليه اسم «أخو الأسد الذي لم تلده أمه»، وكون أن صاحب الاقتراح هو «الحريري» السياسي السني الذي يقود تيارا تشكل من طيف معارض لـ«الأسد».

الاقتراح وصفته وكالة «رويترز» بالمذهل، وضعه موضع التنفيذ سيحتاج لموافقة السعودية وإيران، وهما البلدان اللذان يحظيان بنفوذ قاطع على الأطراف اللبنانية المتنافسة بالإضافة للصراع بينهما في مناطق أخرى بالمنطقة وبينها سوريا.

ومع تصاعد الحرب بسوريا حيث تزيد كل من إيران والسعودية الدعم لـ«الأسد» ومعارضيه لا يبدو مرجحا أن يبعث أي اتفاق في لبنان بإشارات عن تفاهم أشمل لتسوية الصراعات الإقليمية.

لكن اتفاقا كهذا، من شأنه أن يشير إلى نية للحفاظ على حد أدنى من الاستقرار في لبنان، وقد يجنب لبنان حربا أهلية أبدى البعض خشيته من اندلاعها إذا تأثر بالحرب السورية التي أدت إلى وقوع هجمات عديدة.

واستقبل لبنان مليون لاجئي عبروا حدوده مما غذى أزمة سياسية تشهدها البلاد.

وتعيش لبنان بلا رئيس منذ 18 شهرا، وتجد حكومة الوحدة التي يقودها رئيس الوزراء «تمام سلام» صعوبة في إدارة أمور البلاد.

ويمثل اقتراح «الحريري» أكثر المحاولات جدية لإنهاء هذا الجمود السياسي.

«علي أكبر ولايتي» المستشار البارز للزعيم الإيراني الأعلى، الذي زار بيروت أمس الإثنين، قال بعد اجتماعه مع «سلام» إن «الأمل في انتخاب رئيس قد كبر».

ونقل بيان من مكتب «سلام» عن «ولايتي» قوله: «نأمل في أن نشهد في القريب العاجل اختيار وانتخاب رئيس للجمهورية».

تحديات كبيرة

لكن تعيين «فرنجية» يواجه تحديات كبيرة، بينها رفض سياسيين اتحدوا ضد النفوذ السوري في لبنان، ويتطلب الحصول على موافقة زعماء يتطلعون بدورهم للمنصب المخصص لمسيحي ماروني، أبرز هؤلاء «الميشال عون» و«سمير جعجع».

وإذا فشل الاقتراح فإن محللين يعتقدون أن فرص تحقيق تسوية ستقل كثيرا، وهو ما يعني ألا نهاية وشيكة لأزمة الحكومة التي استحكمت في الأشهر الماضية، وتراكمت بسببها القمامة في الشوارع، ولم تدفع فيها رواتب الجيش.

ورغم أن «الحريري» لم يعلن عن المقترح رسميا، فإنه تردد في لبنان وأكدته مصادر سياسية.

وسبق لـ«فرنجية» القول إن اقتراح تعيينه رئيسا هو اقتراح جاد لكنه غير رسمي، ويتوقع أن تشمل الصفقة اتفاقا على ترتيبات لإجراء انتخابات برلمانية جديدة».

ويحتاج أي اتفاق لتقاسم السلطة لموافقة المعسكرين الرئيسيين في لبنان، وهما تحالف «8 آذار»، التي يهيمن عليه «حزب الله» الشيعي المدعوم من إيران وتحالف «14 آذار» الذي يقوده «الحريري».

أصعب جزء هنا سيكون الحصول على تأييد المسيحيين في الجانبين، خاصة أن «جعجع» و«عون» هما المرشحان الرسميان للتحالفين المتنافسين، ومن شأن تولي «فرنجية» المنصب أن يفاقم الخلافات التاريخية داخل الطيف المسيحي.

وصرح «حزب الله» مرارا بدعمها لترشيح «عون» حليفها منذ العام 2006، ورئيس أكبر كتلة مسيحية في البرلمان، غير أن «فرنجية»، الذي تربطه علاقات أقدم بكثير مع حزب الله، قد يكون خيارا مفضلا للجماعة، في الوقت الذي تشن فيه الجماعة حربا في سوريا دعما لـ«الأسد».

لكن «الحريري» بدعمه «فرنجية»، يخاطر بتفكيك تحالف «14 آذار»، الذي تشكل قبل نحو عشر سنوات، بدافع من المعارضة لسوريا في أعقاب اغتيال والده «رفيق الحريري».

المحلل السياسي «نبيل بومنصف»، قال إن «من لديهم رأي إيجابي تجاه هذه التسوية، يعتقدون أن مع وجود رئيس كـ«سليمان فرنجية» يطمئن، ويشكل ضمانة لفريق «8 آذار»، و«حزب الله» وفي المقابل فإن وجود «الحريري» في السرايا رئيسا للحكومة، يشكل ضمانة للفريق الآخر، وهذا أمر يجري تسويقه الآن في الكواليس».

وأضاف: «وقعت أضرار كبيرة جدا في داخل معسكر «14 آذار»، أكثر من فريق «8 آذار».. فـ«سليمان فرنجية» الحليف الأول والأكثر وضوحا والأكثر ثباتا للنظام السوري في لبنان».

علاقات وطيدة بالأسد

وتعود علاقات «فرنجية» بأسرة «الأسد» إلى طفولته، عندما كان جده الرئيس الراحل «سليمان فرنجية» يصطحبه في رحلات إلى دمشق لزيارة صديقه الرئيس الراحل «حافظ الأسد».

واعتاد «فرنجية» على القيام برحلات الصيد مع «باسل الأسد» الشقيق الأكبر لـ«بشار الأسد»، والذي توفي في حادث سيارة في 1994.

وتيتم «فرنجية» في 1978، عندما هاجمت ميليشيا مسيحية منزل عائلته في شمال لبنان فقتلت أباه وأمه وأخته، واتهم «جعجع» بالمسؤولية عن الهجوم الذي وقع إبان الحرب الأهلية، لكن الأخير نفى المشاركة فيه.

وبرز «فرنجية» الذي يبلغ من العمر 50 عاما، في الفترة التي هيمنت فيها سوريا على لبنان عقب الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، وعمل وزيرا بالحكومة عدة مرات.

وانتهى ذلك العهد بانسحاب القوات السورية من لبنان في 2005 عقب انتقادات دولية بسبب اغتيال «رفيق الحريري»، وكان «فرنجية» وزيرا للداخلية في ذلك الحين.

وارتدى «سعد الحريري»، عباءة أقوى السياسيين السنة نفوذا في لبنان عقب مقتل والده، وغادر لبنان في 2011 بعدما أطاح تحالف «8 آذار» بحكومته، ولم يعد إلى لبنان إلا في زيارتين قصيرتين منذ ذلك الحين.

«بطرس حرب» وهو سياسي من تحالف «14 آذار» يطمح للرئاسة، قال إنه «ليست لديه أي مشكلة شخصية مع «فرنجية»، غير أنه تساءل على «تويتر»: «لكن هل سيجلب معه «بشار الأسد» إلى قصر بعبدا؟، أم سيتعاطى كرئيس لكل اللبنانيين؟».

«أحمد الحريري»، ابن عم «سعد الحريري»، والشخصية البارزة في تيار «المستقبل»، نقلت عنه جريدة «المستقبل» المملوكة للحريري قوله إن «الخيار الوحيد للبنانيين، هو الذهاب إلى تسوية شجاعة، تعطل مفاعيل التعطيل، الذي تحول إلى قنبلة موقوتة، ستنفجر بنا في أي لحظة، بدلا من أن نبقى نتفرج على بلدنا وهو ينهار، وعلى شعبنا وهو يموت في البحار أو على أبواب المستشفيات، وعلى النفايات وهي تملأ الطرق».

ومن المؤكد أن ترشيح «فرنجية»، سيلقى ترحيبا من رئيس البرلمان «نبيه بري» الحليف القوي لـ«حزب الله» وزعيم حركة «أمل» الشيعية، والذي لا تخفى عن أحد علاقته المتوترة مع «عون».

سياسي بارز في تحالف «8 آذار»، تحفظ عن ذكر اسمه، قال إن «فرنجية» يسعى لكسب تأييد السياسيين الموارنة الآخرين.

وأضاف: «قلب «الحريري» كل الأوراق بإعلان تأييده المرشح الأقرب إلى «الأسد» و«حزب الله»، ورمى الكرة إلى ملعب الآخرين».

وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس تيار «المردة» «سليمان فرنجيه» إن «فرنجيه» عقد «لقاء وديا» مع رئيس التيار الوطني الحر «جبران باسيل» صهر «عون»، مساء الأحد.

وأضاف البيان أن «فرنجيه» أكد خلال اللقاء «استمراره بدعم ترشيح «العماد عون» ومنح الموضوع مزيدا من وقت إذا كان هناك من نية فعلية بالتوافق حوله، أما إذا استمر الترشيح فقط لتعطيل ترشيح «فرنجية» فهذا موضوع آخر».

 

  كلمات مفتاحية

سوريا لبنان سليمان فرنجية بشار السد رئاسة لبنان سعد الحريري إيران السعودية

فشل انتخاب رئيس جديد في لبنان للمرة 24 على التوالي

حوار «حزب الله» – «المستقبل» وانتخاب رئيس لبنان

الصراع الإقليمي يصيب السياسة اللبنانية بالشلل

رئيس وزراء لبنان: الحلول الاقليمية ستساهم بحل الأزمة الرئاسية اللبنانية

صفقة التعايش بين السلطة اللبنانية و«جبهة النصرة»

السفير السعودي يدعو اللبنانيين لـ«التعجيل» بانتخاب رئيس

صمت «حزب الله» إزاء ترشيح «فرنجية»

أهل الفكر العربي «يناغشون» رئاسة لبنان!

«فرنجية» حليف «الأسد» يعلن ترشحه لرئاسة لبنان

هل سيعطل التوتر السعودي الإيراني انتخاب رئيس جديد في لبنان؟