لماذا تأجل اجتماع إقرار القوة العربية المشتركة؟

السبت 29 أغسطس 2015 09:08 ص

تنادت 7 دول عربية في عام 1951، كانت أغلبها ممالك في ذلك الوقت كاليمن والعراق وشمل ذلك كل من السعودية ومصر وسوريا ولبنان والأردن، وقامت  هذه الدول بتوقيع معاهدة الدفاع العربي المشترك، ولكن منذ ذلك اليوم لم تشكل أي عمليات مشتركة بناء عليها رغم كل الأزمات التي مرت بالمنطقة.

وفي 26 مارس/أذار 2015 دعا  الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» خلال قمة شرم الشيخ إلى تشكيل قوة عربية موحدة من أجل مكافحة الإرهاب، وقد جاء في البيان الختامي للقمة أن القادة العرب قد وافقوا على مبدأ إنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات وصيانة الأمن القومي العربي.

وبعد يومين تم الإعلان بأن القوة العربية المشتركة التي أقرتها قمة شرم الشيخ ستتدخل في حالة تعرض بلد عربي للإرهاب أو لاعتداء خارجي. وسيتم تشكيلها وتحديد مكوناتها وطريقة عملها في غضون 4 أشهر. مع العلم أنه يكون قد مر 5 أشهر منذ ذلك التاريخ ولم يتم توقيع البروتوكول الخاص بها إلى الآن.

وقد اجتمع رؤساء الأركان العرب في مايو/أيار الماضي، وخلال اجتماع استمر يومين أقروا آليات تشكيل القوة. فيما أشارت عدة تقارير إلى أن نص الاتفاق تم تعديله 3 مرات بسبب التباينات بين الدول المشاركة . ومن أبرز ما جاء في البروتوكول الذي يحتوي 12 بندا الحديث عن مرتكزات إنشاء القوة ومبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وعدم الانحياز لأي اعتبارات مذهبية أو طائفية أو عرقية.

كما أن مشاركة الدول في القوة تكون اختيارية، أما بالنسبة لآلية اتخاذ القرار فقد حددت المادة 9 آلية اتخاذ قرار الاستعانة بالقوة بطلب يقدم للأمين العام الذي يبلغ قادة الدول، ثم يعرض على مجلس الدفاع لاتخاذ القرار الذي يحدد الفترة الزمنية للتنفيذ. وإذا تعذر على أي دولة طلب التدخل يبادر الأمين العام إلى عرضه على مجلس الدفاع لاتخاذ قرار التداخل بعد موافقة الدول المعنية.

وتتولى كل دولة مشاركة في القوة تمويل عناصرها. ويسري مفعول البروتوكول لمدة 5 سنوات. وقد أشارت بعض المصادر الصحفية أن القوة قوامها  40 ألف جندي، إضافة إلي 1000 طيار حربي و3000 عنصر من القوات البحرية، وستكون القاهرة مقر القيادة، فيما ذكرت مصادر أخرى أن القائد سيكون سعوديا.

ولكن بالرغم من إعداد هذا المشروع الذي أحيل للحكومات للموافقة عليه إلا أن الجلسة من أجل هذا الهدف تأجلت للمرة الثانية فقد كان من المقرر الاجتماع في 29 يوليو/ تموز. ولكن بحجة تعارض المواعيد تم التأجيل إلى 27 أغسطس/آب الذي فاجأت قبله السعودية الجميع بطلب التأجيل ودعمتها في ذلك عدة دول عربية مثل قطر والكويت والبحرين والإمارات والعراق. وقد برر ذلك بأنه من أجل مزيد من المباحثات والنقاشات.

أسباب واحتمالات

ولعل أهم الأسباب التي تتوارد في هذا السياق هو أن هناك غياب للتوافق العربي وجو من عدم الثقة يجعل العمل المشترك أمرا صعبا بين الدول العربية، حيث رفضت دول مثل العراق وعمان المشاركة وتحفظت الجزائر على المشروع منذ طرحه في المرة الأولى.

ولكن السعودية كانت هي من بادرت بطرح فكرة القوة المشتركة مع مصر عقب تعرض كل منهما إلى هجمات من تنظيم «الدولة الإسلامية». ويقال أن السعودية دعمت هذه الخطوة لتكون في مواجهة جهد أمني كانت تسعى روسيا لتشكيله مع بعض دول الخليج وإيران.

كما أن الخلاف حول القوة يبدو بين السعودية من جهة وبين مصر والإمارات من جهة أخرى. حيث أن هناك خلافات متعلقة بالملف السوري حيث تسعى الدولتان لقيادة جهد إقليمي لإعادة تأهيل «الأسد»، فيما ترفض السعودية ذلك. ولعل إحباط الرياض لفكرة مشروع القوة يأتي في سياق إرسال رسائل إلى القاهرة وأبوظبي. حيث أن مصر والإمارات تبذلان الجهود لإقرار مشروع القوة من أجل سبب رئيس وهو دعم وتمكين قوات «حفتر» في ليبيا، وهو الأمر الذي لا يعني السعودية كثيرا بقدر ما يعنيها مواجهة التمدد الشيعي وهناك شعور متزايد بأن مصر والإمارات لن تبذلا جهودا كبيرة في ذلك.

كما أن خطوة  تشكيل القوة الموحدة اصطدمت بأسئلة صعبة خاصة داخل دول مجلس التعاون. ومنها السؤال عن مستقبل درع الجزيرة وعلاقته مع هذه القوة ولذلك رأينا أن كل الدول التي أكدت على خطوة التأجيل هي خليجية ما عدا العراق الذي بات معروفا أنه يقع تحت ضغوط إيرانية وأن إيران ترفض فكرة القوة العربية الموحدة.

ومن الأسئلة التي تواجهها القوة سؤال الهدف والقيادة والكيفية. هل هي للفصل في النزاعات أم للوقوف بجانب جهة ما. ومكان التواجد ومن الذي يحق له طلب التدخل وأين سيكون أول عمل لهذه القوة خاصة أن الذي يقود الدور العربي اليوم هي دول خليجية وليست مصر أو الجزائر أو العراق.

لا يوجد شك بأن الدول تعمل لمصالحها الخاصة أكثر من المصلحة العربية المشتركة. لذا فإن هناك شكوك كبيرة حول الأهداف من إنشاء هذه القوة والخشية من تحيزها لمصالح دول بعينها. كما أن هناك حالات معقدة يلزم الاتفاق عليها قبل التوقيع وهي على سبيل المثال الحالات التي لا يوجد فيها حكومة  معترف بها بإجماع كما في اليمن وسوريا وليبيا حاليا. كيف سيتم أخذ القرار بالتحرك .

من ناحية أخرى فإن سؤالا آخر يسأل عن الضغوط و لماذا تم التأجيل وهل هناك علاقة لواشنطن بالأمر. وهل تبدو (إسرائيل) بعد أن تلقت خبر الاتفاق النووي مستعدة لتلقي خبر تشكيل قوة عربية موحدة وهل الصراع الإسرائيلي العربي سيكون ضمن أولويات هذه القوة.

 يرجح بعض المحللين أن الأسباب الرئيسية خلف التأجيل تتجمع في أمرين هما وجود ضغوط خارجية وعدم نضوج مصوغات إنشاء القوة في ظل الخلافات العربية إذ أن الدول لو أرادت التوحد فعلا لفعلت اتفاق الدفاع المشترك أو لقامت مصر والسعودية بعقد اتفاق ينضم له من يشاء، ويدلل هؤلاء بأن درع الجزيرة لم يقم بالتدخل في اليمن وهو شأن خليجي خاص فهل ستنجح قوة عربية بفعل ذلك.

 يبدو أن مصر أرادت من هذا الملف تحقيق إنجاز إعلامي خاص بالنسبة للسيسي الذي يريد الافتخار بإنشاء قوة عربية في عهده ومن أجل البدء بأعمال في ليبيا. لكن يبدو أن هناك تدخلات وخلافات في التوجهات بين مصر والسعودية أدت لعرقلة المشروع الذي تقف أمامه عقبات كثيرة حتى لو زالت هذه الخلافات.

وتجدر هنا الإشارة إلى ما كتبه «جمال سلطان»، الكاتب المصري البارز ورئيس تحرير صحيفة «المصريون»، إن السعودية عطلت مشروع الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في ليبيا، وأن خبر التأجيل «جاء كالصاعقة على القيادة المصرية وعلى خليفة حفتر (قائد جيش طبرق المنبثق عن الحكومة والبرلمان المنحل) وحلفائه في ليبيا، لأن مشروع القوة العربية المشتركة كان شبه مفصل على مقاس الحالة الليبية، حيث تقود مصر دعوة للتحرك العسكري لدعم قوات حفتر في مواجهة الجيش الموالي للحكومة الليبية في طرابلس العاصمة والمدعومة من المؤتمر الوطني الليبي والممثلة لقوى الثورة الليبية التي أطاحت بحكم معمر القذافي في 2011».

 

وأشار إلى أن مشروع القوة العربية المشتركة، الذي دعا له «السيسي» في مارس/آذار الماضي، «لم يكن يحظى بحماسة أو دعم أي جهة عربية أخرى باستثناء الإمارات وحكومة طبرق الليبية الراعية للجنرال المغامر خليفة حفتر، وكانت السعودية مترددة تجاه المشروع».

كما تشير التكهنات إلى أنه من المفيد للسعودية تأجيل إقرار هذه القوة، حتى تقل الفجوة بين الجيش المصري والجيش السعودي. فبينما يعد الجيش المصري هو الأكبر من حيث عدد الجنود، إلا أن السعودية تستكمل بناء منظومة دفاع عبر صفقات تسليح هي الأكبر عالميا، وهو ما سيجعل القوة العربية المشتركة مصلحة متبادلة وليس نوعا من طلب الحماية الخليجية لمصر. خاصة وأن هناك تفاصيل إجرائية مازالت محل نقاش من نوع مقر القيادة العامة للقوات، وجنسية قياداتها على سبيل المثال.

 

  كلمات مفتاحية

مصر السعودية القوة العربية المشتركة الجيش المصري الجيش السعودي ليبيا حفتر

كاتب مصري بارز: السعودية جمدت مشروع «السيسي» في ليبيا

«ستراتفور»: لماذا قد لا تنجح قوة عربية مشتركة في أداء مهامها؟

قوة عربية مشتركة لقمع الثورات

الجامعة العربية تدعو لإنشاء قوة عربية لمكافحة ”الإرهاب“

«السيسي» يريد تشكيل قوة عربية موحدة ... وينفي الإساءة لدول الخليج

إعلامي ليبي في الإمارات يتهم الملك «سلمان» بتعطيل القوة العربية بأمر واشنطن

مراقبون: خلافات مصرية سعودية وراء تأجيل إنشاء القوة العربية المشتركة

كثير من الحروب بين الإخوة .. كثير من «الدول» المتزاحمة أرضا وجوا

مسؤول عربي: استئناف البحث في مشروع «القوة المشتركة» قريبا

الخارجية المصرية: «القوة العربية المشتركة» تختلف عن «التحالف الإسلامي العسكري»

مشروع جامع لحماية السيادة العربية