إنشاء دور سينما في السعودية: جدل يعود إلى الواجهة

الخميس 27 أغسطس 2015 04:08 ص

عاد الجدل بشأن تشييد دُور السينما في السعودية مرة أخري عقب تصريح لمسؤول سعودي لوسائل إعلام عربية ينفي فيه أن يكون إنشاء دور للسينما بالسعودية أمرا ممنوعا، بعدما اعتبره البعض أمرا طبيعيا بدلا منذ ذهاب مئات الآلآف من السعوديين إلى البحرين لمشاهدة أفلام السينما، بينما انزعج من الخبر آخرون بسبب ربط بعض المغردين والشيوخ بين العروض السينمائية وحالات الانفلات الأخلاقي خاصة بعد واقعة ظهور فتيات سعوديات متبرجات في لندن وهن يشجعن فرقهن السعودية في مباراة كرة شاركت فيها فتيات لأول مرة وأثار ظهورهن جدلا في الشارع السعودي.

ومع أن السعودية نفت رسميا تقدم أي من المستثمرين بشكل رسمي بشأن إنشاء دور سينما، ما يجعل النبأ مجرد جدل جديد ينضم للجدل السابق الذي نشب عام 2014، وقبله منذ أعوام حول إنشاء دور للسينما في السعودية، فقد طرح النقاش حول ضرورة إنشاء دور سينما سعودية أمرا واقعا حول ضرورة وجودها مع وضع ضوابط حول الأفلام المعروضة وكيفية الدخول لمشاهدة العروض.

ويقول مغردون وكتاب سعوديون أن قرابة 200 ألف مسافر سعودي يعبرون الجسر الواصل بين السعودية والبحرين في المناسبات المختلفة خاصة الأعياد لحضور أفلام السينيمات المعروضة في البحرين لعدم وجود دور عرض في السعودية، وأنه كثيرا ما ترفع لافتة «نفذت تذاكر السينما» في جميع صالات سينما البحرين خلال أيام العيد بسبب السعوديين.

وسبق أن نشرت صحيفة بحرينية خبرا يؤكد أن «مبيعات دور السينما في البحرين تجاوزت حاجز 50 ألف تذكرة خلال أول يومين فقط من أيام العيد ونصيب السعوديين منها ما يقارب 95%»، واعتبر نشطاء أن هذا يعني أن 95% من المجتمع السعودي يريد إنشاء دور للسينما، خاصة بعد ظهور أفلام سعودية ومشاركتها في مهرجانات دولية.

ويقول الصحفي والإعلامي السعودي «عبد العزيز القاسم» أحد مؤيدي فكرة إنشاء دور للعرض السينمائي في السعودية أنه يدعو «رموزنا الدينية من علمائنا الأجلاء ممن يعارضون عودة السينما إلى مجتمعنا، إلى المبادرة الفورية بتوجيه التجار ورجال الأعمال، ممن يحملون رسالية الأمة وهمّ الإسلام، إلى الاستثمار في هذا القطاع والدخول فيه من الآن، وحثهم على ذلك رغبة في الإمساك بزمام التوجيه».

ويقول إن «المنع في تصوري وقتي وإلى حين، فلن تلبث المطالبات والضغوط التترى التي ستنهال على المجتمع وقيادته، أن تؤدي إلى افتتاح صالات السينما عاجلا أم آجلا» مذكرا بالموقف السابق من الفضائيات أول ظهورها.

جدل على تويتر

التصريح الذي أطلقه مسؤول سعودي لوسائل إعلام عربية ونفى فيه أن يكون إنشاء دور للسينما بالسعودية «أمرا ممنوعا»، أعاد صراع التيارات إلى الواجهة، حول دُور السينما في السعودية، ولأن الموضوع حساس فقد انتقل النقاش والجدل الي موقع تويتر وانتقده البعض مذكرا بنفس الجدال الذي دار عقب حضور مشجعات سعوديات مباراة السوبر السعودي بلندن مؤخرا، بين داعم لدُور السينما بالمملكة وبين من يرى أنها ستظل من المحظورات.

حيث أكد «فهد التميمي» رئيس لجنة السينما وجمعية المنتجين السعوديين لقناة العربية أنه «لا يوجد نظام يمنع افتتاح صالات سينما في السعودية واستخراج تصريح لا يتجاوز 48-72 ساعة»، وقال أن «الممنوع هو عرض بعض الأفلام التي لم تحصل على تراخيص نشر مسبقة من وزارة الثقافة». (طالع المزيد)

وعقب التصريح بدأت معركة ساخنة على «تويتر» بين التيارات المختلفة خاصة المغردين من تياري المحافظين والليبراليين حول الموقف من السينما ذاتها، لا مجرد افتتاح دور عرض في السعودية فقط، فالبعض اعتبر أن السينما كلها «مرادف للفساد»، بينما رأي آخرون أنها مجرد دور للعرض مثلها مثل شاشة التلفاز المسموح بها في السعودية، وأن العبرة بالمعروض عليها وأنها سلاح للتوعية لو استغل بصورة طيبة.

وقال أحد المؤيدين: «صدقوني، فيلما عالميا واحدا عن الإسلام يؤثر في زمن يسير وفي رقعة جغرافية واسعة بما لا يمكن لآلاف الدعاة أن يفعلوه في سنوات طويلة، وها أنا قد نصحت».

وتساءل المغرد «إبراهيم بن جريشان» عن سبب هذه «الصورة النمطية» التي أدت لتخلف العرب في صناعة الصورة، ورد «وحيد الغامدي» مشيرا لأفلام تتخذ طابعا انحلاليا منذ السبعينات وكانت منتشرة في مدن المملكة.

وروج سعوديون لهشتاج: (#السينما_ليست_ممنوعة_بالسعودية)، ظهر فيه خلافات بين الرافضين للسينما أصلا والذين يرون أنه لا فارق بينها وبين القنوات المتاحة للمشاهد السعودي عبر الدش والتي تملأ شاشة المواطن السعودي بأحدث الأفلام العربية والغربية.

وأشار مغردون لمخاطرة الاستثمار في إنشاء دور عرض سينمائي بالسعودية لصعوبة عرض أفلام بها إلا النادر الذي لا يقبل عليه الشباب، ما يجعل مشاريع اإشاء دور عرض غير مربحة، مشيرين لأن وجود هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة يعرقل هذه السينما ويضع قيود عديدة عليها لا تجعلها مرغوبة.

فكرة مؤجلة

وسبق أن طرحت الفكرة منذ العام الماضي، وقال «حمزة الغبيشي»، مدير تنظيم الإعلام المرئي والمسموع بهيئة الإعلام المرئي والمسموع (فرع مكة) العام الماضي أن «السينما في السعودية قادمة في ظل دراسة جادة تتم خلال الفترة الحالية لعدد من العروض التي تقدم بها مستثمرون لإنشاء صالات سينما داخل المملكة»، ومضي العام دون إنشاء سينمات.

وقال كتاب وشيوخ أن دور العرض السينمائية ستشكل مناطق جذب للشباب والأسرة السعودية، بدلا من للسفر لدول مجاورة (البحرين) لدخول السينما، فيما تحدث آخرون عن شرورها وأضرار تجمع الشباب في مناطق السينمات حسبما يظهر في أخبار دول أخري.

وقالوا أنه حتي لو تم السماح بالسينما فإن اختيار أفلامها سيكون بدقة خصوصاً في المرحلة الأولى من عروض الأفلام، وأنها قد لا تقتصر علي السينما السعودية والعربية وإنما تشمل أفلام السينما الأمريكية والأوربية، مع رقابة مشددة وحذف كثير.

تاريخ السينما في السعودية

وكان أول من أدخل دور العرض السينمائية إلى المملكة العربية السعودية هم الموظفون الغربيون في شركة كاليفورنيا العربية للزيت القياسي التي تحول اسمها إلى شركة «أرامكو»، وذلك في في مجمعاتهم السكنية الخاصة بهم في السعودية خلال فترة الثلاثينيات الميلادية، واستمر الوضع على ما هو عليه حتى فترة بداية السبعينيات.

خلال السبعينات حدث تطور مهم، فبعد أن كانت دور العرض السينمائية مقتصرة على الموظفين الغربيين في شركة «أرامكو» في تجمعاتهم السكنية الخاصة في السعودية، أصبحت متاحة للمواطنين السعوديين، ثم تحولت الصالات السينمائية إلي الأندية الرياضية السعودية على وجه التحديد، وكان عرضا عشوائيا يفتقد التنظيم والتهيئة اللازمة للمشاهدة والتسويق المناسب، والاختيار الجاد.

وخلال فترة بداية الثمانينات وبعد شهرين من أحداث الحرم المكي في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1979، قامت الحكومة السعودية بإغلاق دور العرض السينمائية المتاحة للمواطنين السعوديين في محاولة منها لاحتواء غضب التيار الإسلامي السعودي بعد أحداث احتلال الحرم المكي من قبل مجموعة متطرفة.

وحاليا لا يوجد دور عرض سينمائية في السعودية ولكن توجد دور عرض سينمائية خاصة بالموظفين الغربيين في شركة أرامكو في مجمعاتهم السكنية الخاصة بهم الموجودة منذ الثلاثينيات الميلادية، وتقوم بعض مقرات الأندية الأدبية والثقافية السعودية بعرض بعض الأفلام.

وأول فيلم أنتجه التلفزيون السعودي كان عام 1975 بشكل رسمي حينما قام المخرج السعودي «عبدالله المحيسن» بإخراج فيلم عن ( تطوير مدينة الرياض) وشارك به في مهرجان الأفلام التسجيلية في القاهرة عام 1976، قبل أن يقدم من جديد عام 1977 فيلما سينمائيا أكثر أهمية وحضورا وحسا فنيا وهو الفيلم الوثائقي «اغتيال مدينة» في عرض درامي حول الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى الضرر الذي ألحقته هذه الحرب بمدينة بيروت الجميلة، وحاز حينها على جائزة (نفرتيتي) لأفضل فيلم قصير، كما كان الفيلم قد عرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977.

ومن أبرز الأفلام السعودية التي أنتجت لاحقا: «موعد مع المجهول» في عام 1980: بطولة الفنان السعودي «سعد خضر» وهو فيلم روائي طويل، فيلم «الإسلام جسر المستقبل» في عام 1982، الذي يصور فيه المخرج السعودي «عبدالله المحيسن» المراحل التاريخية للقضايا العربية والإسلامية بداية من هجمات التتار والمغول، مرورًا بالاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وتسلل اليهود إلى المنطقة العربية، وانتهاءً ببروز القوتين العظيمتين في العالم، حيث يجسِّد الفيلم المعاناة العربية والإسلامية بشكل مؤثر، وقد شارك المخرج بالفيلم في مهرجان القاهرة السادس، ونال الجائزة الذهبية .

وفي التسعينات ظهر فيلم «الصدمة» عام 1991، الذي يقدم فيه المخرج السعودي «عبد الله المحيسن» رؤيته الخاصة عما حدث في عام 1990 من أحداث غزو الكويت، ومن ثم تحريرها في حرب الخليج الثانية والأثر الذي أحدثته هذه الأزمة على المنطقة.

وهناك فيلم «ظلال الصمت» من إخراج المخرج «عبد الله المحيسن» إنتاج عام 2006، وفيلم «تمرد» من إخراج «عبد العزيز النجيم» إنتاج عام 2006، وفيلم «مطر» من إخراج «أبو عبد الله» إنتاج عام 2006، وفيلم «حلم الصحراء» من إخراج «رضوان خالد» إنتاج عام 2006، وفيلم «السينما 500 كم» من إخراج «عبد الله آل عياف» إنتاج عام 2006.

ويبلغ عدد الأفلام السعودية التي تم إنتاجها منذ عام 1975 وحتى عام 2012 حوالي (255) فيلما سعوديا، تنوعت ما بين أفلام وثائقية وأفلام قصيرة وأفلام روائية وأفلام رعب وأفلام أكشن وأفلام كوميدية وأفلام صامتة وأفلام خيال علمي وأفلام تلفزيونية و أفلام رسوم متحركة و أفلام يوتيوب.

ومع هذا فلا تعرض هذه الأفلام في دور سينما سعودية لعدم وجودها ويضطر السعوديون لمشاهدتها في سينمات دولة البحرين المجاورة.

  كلمات مفتاحية

السينما السينما السعودية السعودية البحرين أرامكو أفلام

مسؤول سعودي: الترخيص لدار سينما في المملكة يستغرق 72 ساعة فقط

مسؤول سعودي: المملكة ستشهد إنشاء دور سينما قريبا

السعوديون يتناحرون على إنشاء السينما .. و«الدواعش» و«الحوثيون» على الحدود

العمل السعودية تتراجع: مسمى «السينما وخدمات التسلية» لا يقتصر على دور السينما فقط

نشطاء يسخرون من الضوابط الشرعية للسينما السعودية

السماح بالسينما في السعودية يثير ضجة واسعة.. وهيئة الإعلام المرئي تنفي

«البحرين للسينما» تفتتح مجمعا سينمائيا جديدا في الدوحة

150 طالبة سعودية يأملن في إطلاق قطاع السينما في المملكة

مسؤول سعودي: دور السينما ستعود للمملكة قريبا

وسم «الشعب يريد صالات سينما» ينقلب على مطلقيه بـ«تويتر»

قطر.. افتتاح مجمع سينمائي يضم 13 صالة عرض بتكلفة 16.5 مليون دولار

مسؤول سعودي بارز: السينما من الترفيه لكنها لا تزال ممنوعة